تحديد الرسول مدة الخلافة من بعده بثلاثين سنة وإشارته إلى أنها
ستتحول بعد ذلك إلى ملك عضوض:
وتقدم الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود
والنسائي والترمذي وحسنه من طريق سعيد بن جهمان عن سفينة أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: "الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكاً.
وقد اشتملت هذه الثلاثون سنة على خلافة أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق وعثمان
الشهيد، وعلي بن أبي طالب الشهيد أيضاً، وكان ختامها وتمامها بستة أشهر وليها
الحسن بن علي بعد أبيه، وعند تمام الثلاثين نزل عن الأمر لمعاوية بن أبي سفيان سنة
أربعين وأصفقت البيعة لمعاوية بن أبي سفيان وسمي ذلك عام الجماعة وقد بسطنا ذلك
فيما تقدم.
إشارة نبوية إلى أن اللّه سيصلح بالحسن رضي اللّه عنه بين فئتين
عظيمتين من المسلمين
وروى البخاري عن أبي بكرة رضي الله عنه
أنه سمع رسول الله صلى الله يقول والحسن بن علي إلى جانبه على المنبر: "ابني
هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين" وهكذا وقع سواء.
إشارة نبوية إلى أن أم حرام بنت ملحان رضي اللّه عنها ستموت في غزوة
بحرية
وثبت في الصحيحين عن أم حرام بنت ملحان
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن غزواته في البحر تكون فرقتين وتكون أم
حرام مع الأولين، وقد كان ذلك في سنة سبع وعشرين مع معاوية حين استأذن عثمان في
غزو قبرص فأذن له فركب بالمسلمين في المراكب حتى دخلها وفتحها قسراً، وتوفيت أم
حرام في هذه الغزوة في البحر وقد كانت مع زوجة معاوية فأخته بنت قرظة، وأما
الثانية فكانت في سنة اثنتين وخمسين في أَيام ملك معاوية وقد أمّر معاوية ابنه
يزيد على الجيش إلى غزو القسطنطينية، وكان معه سادات الصحابة منهم أبو أيوب
الأنصاري وخالد بن يزيد رضي الله عنه فمات هنالك وأوصى إلى يزيد بن معاوية وأمره
أن يدفنه تحت سنابك الخيل وأن يوغل به إلى أقصى ما يمكن أن ينتهي به إلى جهة نهر
العدو ففعل ذلك، وتفرد البخاري بما رواه من طريق ثور بن يزيد بن خالد بن معدان عن
عمر بن الأسود العنسي عن أم حرام أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا قالت أم حرام فقلت يا رسول الله أنا
فيهم? قال: إنك فيهم قالت: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أول جيش من
أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم قلت أنا منهم يا رسول الله قال: لا".
إشارة نبوية إلى أن الجيش المسلم سيصل إلى الهند والسند
وقال الإِمام أحمد، حدثنا يحيى بن
إسحاق، أنا البراء، عن الحسن، عن أبي هريرة. وحدثني خليلي الصادق رسول الله صلى
الله عليه وسلم أنه قال: "يكون في هذه الأمة بعث إلى السند والهند" فإن
أنا أدركته واستشهدت فذاك وإن أنا فذكر كلمة رجعت فأنا أبو هريرة المحرر قد أعتقني
من النار" ورواه أحمد أيضاً عن هشيم عن سيار عن جبر بن أبي عبيدة عن أبي
هريرة قال: وعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الهند فإن استشهدت كنت من خير
الشهداء، وإن رجعت فأنا أبو هريرة المحرر. ورواه النسائي من حديث هشام وزيد بن أبي
أنيسة عن سيار عن جابر، ويقال هذا خبر عن أبي هريرة فذكروه، وقد غزا المسلمون
الهند في سنة أربع وأربعين في إمارة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه فجرت هناك
أمور فذكرناها مبسوطة، وقد غزاها الملك الكبير السعيد المحمود بن شنكنكير صاحب
بلاد غزنة وما والاها في حدود أربعمائة ففعل هنالك أفعالاً مشهورة وأموراً مشكورة
وكسر الصنم الأعظم المسمى بسومنات وأخذ قلائده وسيوفه ورجع إلى بلاده سالماً
غانماً، وقد كان نواب بني أمية يقاتلون الأتراك في أقصى بلاد السند والصين. وقهروا
ملكهم القال الأعظم ومزقوا عساكره واستحوذوا على أمواله وحواصله، وقد وردت
الأحاديث بذكر صفتهم ونعتهم ولنذكر شيئاً من ذلك على سبيل الإيجاز.
إشارة نبوية إلى أن المسلمين سيقاتلون الترك
قال البخاري، حدثنا أبو
اليمان، وأخبرنا أبو شعيب، أخبرنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعةُ حتى تقاتلوا قوماً نعالُهم الشعرُ
وحتى تُقَاتِلوا الترك صغِارَ الأعين حمْرَ الوجوه ذلفَ الأنوفِ كأنَّ وُجُوهَهم
الْمَجَانُّ الْمَطَرَّقَةُ وتجدون خيْرَ الناس أشدَّهم كراهةً لهذا الأمرِ حتى
يدخلَ فيه والناسُ معادنُ خِيارُهم في الجاهلية خيارُهم في الإِسلام وليأتِيَنَّ
على أحدِكم زمانٌ لأنْ يراني أحبط إليهِ من أن يكونَ له مثلُ أهله وماله".
تفرد به البخاري، ثم قال حدثنا يحيى حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه،
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا
حوراً وكرمان من الأعاجم حمر الوجوه فطس الأنوف كأن وجوههم المجان المطرقة نعالهم
الشعر"، وأخرجه الجماعة سوى النسائي من حديث سفيان بن عيينة، ورواه مسلم من حديث
إسماعيل بن أبي خالد كلاهما عن قيس بن أبي حازم، عن أبي هريرة فذكر نحوه. قال
سفيان بن عيينة وهم أهل البارز كذا يقول سفيان، ولعل البارز هو سوق الفسوق الذي
لهم، وقال أحمد: حدثنا عفان، حدثنا جرير بن حازم سمعت الحسن، حدثنا عمرو بن ثعلب،
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا
قوماً عراض الوجوه كأن وجوههم المجان المطرقة". ورواه البخاري من حديث جرير
بن حازم، والمقصود أن الترك قاتلهم الصحابة فهزموهم وغنموهم وسبوا نساءهم
وأبناءهم، وظاهر هذا الحديثَ يقتضي أن يكون هذا من أشراط الساعة، فإن كانت أشراط
الساعة لا تكون إلا بين يديها قريباً فقد يكون هذا أيضاً واقعاً مرة أخرى عظيمة
بين المسلمين وبين الترك حتى يكون آخر ذلك خروج يأجوج ومأجوج كما سيأتي ذكر أمرهم،
وإن كانت أشراط الساعة أعم من أن تكون بين يديها قريباً منها فإنها تكون مما يقع
في الحملة ولو تقدم قبلها بدهر طويل، إلا أنه مما وقع بعد زمن النبي صلى الله عليه
وسلم، وهذا هو الذي يظهر بعد تأمل الأحاديث الواردة في هذا الباب كما سترى ذلك
قريباً إن شاء الله تعالى، وذكرنا ما ورد في مقتل الحسين بن علي بكربلاء في أيام
يزيد بن معاوية كما سلف، وما ورد في الأحاديث من ذكر خلفاء بني أمية وغلمة بني عبد
المطلب.
إشارة نبوية إلى ما سيكون من تولي بعض الصبية لأمر المسلمين وما سيكون
في ذلك من فساد وإفساد
وقال أحمد، حدثنا
روح، حدثنا أبو أمية هم وابن يحيى بن سعيد بن العاص، أخبرني جدي سعيد بن عمرو بن
سعيد عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "هلكة أمتي
على يدي غلمة" فقال مروان وما معنا في الحلقة أحد قبل أن يلي: شيئاً فلعنة
الله عليهم غلمة. قال وأنا والله لو شئت أن أقول بني فلان وبني فلان لفعلت. قال:
فكنت أخرج مع أبي إلى بني مروان بعد ما ملكوا فإذا هم يبايعون الصبيان ومنهم من
يبايع له وهو في حزامه، فقلت هل عسى أصحابكم هؤلاء أن يكونوا الذين سمعت أبا
هريرة، قال لنا عنهم إن هذه الملوك يشبه بعضها بعضاً. ورواه البخاري بنحوه عن أبي
هريرة، والأحاديث في هذا كثيرة جداً وقد حررناها في دلائل النبوة، وتقدّم الحديث
في ذكر الكذاب والمبير من ثقيف، والكذاب هو المختار بن أبي عبيد الذي ظهر بالكوفة
أيام عبد الله بن الزبير، والمبير هو الحجاج بن يوسف الثقفي الذي قتل عبد الله بن
الزبير كما تقدّم، وتقدم حديث الرايات السود التي جاء بها بنو العباس حين استلبوا
الملك من أيدي بني أمية وذلك في سنة اثنتين وثلاثمائة حيث انتقلت الخلافة من مروان
بن محمد بن مروان بن الحكم بن أبي العاص، ويعرف بمروان الحمار ومروان الجعدي
لتعلمه على الجعد بن درهم المعتزلي، وكان آخر خلفاء بني أمية وصارت للسفاح المصرح
بذكره في حديث رواه أحمد بن حنبل في مسنده، وهو أبو العباس عبد الله بن محمد بن
علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب أول خفاء بني العباس كما تقدم ذلك، وقال
أبو داود الطيالسي: حدثنا جرير بن حازم، عن ليث، عن عبد الرحمن بن سابط، عن أبي
ثعلبة الخشني، عن أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: "إن الله بدأ هذا الأمر نبوة ورحمة وسيكون خلافة ورحمة وسيكون
عزاً وحرمة وسيكون ملكاً عضوضاً وفساداً
في الأمة يستحلون به الفروج والخمور والحرير وينصرون على ذلك ويرزقون أبداً حتى
يلقوا الله عز وجل". وروى البيهقي من حديث عبد الله بن الحارث بن محمد بن
حاطب الجمحي، عن سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "يكون بعد الأنبياء خلفاء يعملون بكتاب الله ويعدلون في عباد
الله، ثم يكون من بعد الخلفاء ملوك يأخذون بالثأر ويقتلون الرجال ويصطفون الأموال
فمغير بيده ومغير بلسانه ومغير بقلبه وليس وراء ذلك من الإِيمان شيء". وثبتَ
في صحيح البخاري من حديث شعبة عن فرات الفرار عن أبي حازم، عن أبي هريرة، عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: "كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي
خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي وإنه سيكون خلفاء كثيرون لما قالوا فما تأمرنا يا رسول
الله? قال: "فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما
استرعاهم". وفي صحيح مسلم من حديث أبي رافع، عن عبد الله بن مسعود قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما كان نبي إلا كان له حواريون يهدون بهديه
ويستنون بسنته. ثم يكون من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويعملون ما
ينكرون".
إشارة نبوية إلى أن اثني عشر خليفة قرشياً سيلون أمر الأمة الإسلامية
وثبت في الصحيحين من رواية عبد الملك بن
عمير، عن جابر بن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم "يكون اثنا عشر خليفة
كلهم من قريش". رواه أبو داود من طريق أخرى عن جابر بن سمرة سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون". وفي
رواية: لا تزال هذه الأمة مستقيماً أمرها ظاهرة على عدوها حتى يمضي منهم اثنا عشر
خليفة كلهم من قريش قالوا ثم يكون ماذا? قال: ثم تكون الفرج" فهؤلاء المبشر
بهم في الحديثين ليسوا الاثني عشر الذين زعم فيهم الروافض ما يزعمون من الكذب
والبهتان وأنهم معصومون، لأن أكثر أولئك لم يل أحد منهم شيئاً من أعمال هذه الأمة
في خلافة، بل ولا في قطر من الأقطار ولا بلد من البلدان، وإنما ولي منهم علي وابنه
الحسن بن علي رضي الله عنهما.
الإثنين يونيو 13, 2011 9:28 am من طرف سهيلة الفلسطنية
» اقتراب الساعة
الإثنين يونيو 13, 2011 9:27 am من طرف سهيلة الفلسطنية
» لا أساس للإسرائيليات التي تحمد ما مضى وما بقي من الدنيا
الإثنين يونيو 13, 2011 9:12 am من طرف سهيلة الفلسطنية
» شهادة حذيفة بحدوث بعض ما أخبر به الرسول عليه السلام لم يبق من الدنيا إلا اليسير
الإثنين يونيو 13, 2011 9:11 am من طرف سهيلة الفلسطنية
» إشارات نبوية إلى الأحداث الماضية والمستقبلة حتى قيام الساعة
الإثنين يونيو 13, 2011 9:10 am من طرف سهيلة الفلسطنية
» لم يصح عن الرسول أنه لا يمكث في الأرض قبل الساعة ألف سنة ولم يحدد الرسول مدة معينة لقيام الساعة
الإثنين يونيو 13, 2011 9:08 am من طرف سهيلة الفلسطنية
» خير القرون قرن الرسول عليه السلام ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم تنتشر المفاسد
الإثنين يونيو 13, 2011 9:07 am من طرف سهيلة الفلسطنية
» عدم صحة ما ورد من أن الآيات بعد المائتين، وأن خير المسلمين بعد المائتين من لا أهل له ولا ولد
الإثنين يونيو 13, 2011 9:05 am من طرف سهيلة الفلسطنية
» ليس المقصود بالخلفاء القرشيين الاثني عشر أولئك الذين تتابعوا بعد الرسول عليه السلام سرداً
الإثنين يونيو 13, 2011 9:04 am من طرف سهيلة الفلسطنية